Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
6 juillet 2009 1 06 /07 /juillet /2009 10:37

تعني الرياضة، لدى عموم الناس، مناسبة من مناسبات المتعة والترويح عن النفس. وتعني لدى ممارسيها مناسبة لتحقيق الشهرة، واثبات الذات، ونيل اعجاب الناس، أو التكسب المادي. تمنح الرياضة المشاهد فرصة الاستمتاع بعروض فنية لا يقل حرارة عن الاستمتاع بمتابعة مسلسل تلفزيوني، أو فيلم سينمائي، أو رواية، أو مسرحية، أو عرض غنائي لدى المدمنين على الأدب والفنون. وتمنح لممارسها فرصة اشباع الذات بشعور التفوق، وبالبطولة والنجومية والشعبية. وفي الحالين - في حال المشاهد والممارس - تمثل الرياضة عملية فنية - تجارية كاملة: طلب متزايد على المادة الرياضية، من هذا النوع أو ذاك (بحسب الأذواق)، وعرض مستجيب لحاجات المستهلكين. بل تكاد تمثل الرياضة تلك التجارة الوحيدة التي لم يصبها كساد في هذا القرف الذي لم تفلت فيه تجارة من شكل ما من اشكال المعاناة، حتى تلك التي تتعلق بحاجات الناس إلى الغذاء وإلى الدواء.

 

تنشأ أندية لتنظيم الفعالية الرياضية على مقتضى الانتماء الجغرافي (الحي أو المدينة)، وتدخل المنافسة الإقليمية أو الوطنية بوصفها شركات تجارية. وقد تقوم - في مرحلة لاحقة - شركات أو مؤسسات مالية باحتضان فريق رياضي، والصرف عليه ضمن منظور تجاري يتوخى جني عائدات ذلك الصرف مباشرة عبر حصة من الأرباح، أو بشكل غير مباشر عبر توسعة إشعاع المؤسسة المحتضنة. كما تقوم شركات الإعلانات بتوظيف المنافسات الرياضية لعرض موادها الإشهارية على العموم، في الحين نفسه الذي تتحصل منه المؤسسة الرياضة على نسبتها من الارباح في العملية تلك. والأمر نفسه ينطبق على الإعلام المرئي والمسموع - والمكتوب بدرجة أقل - الذي يشتري بعض العروض الرياضية، بتمويل من الإعلانات، فيصب في ميزانية المؤسسة الرياضية - صاحبة الامتياز - مبالغ مالية طائلة تنضاف إلى أموالها الناجمة عن ريع مداخيل منافساتها في الملاعب.

 

تذهب العملية التجارية الرياضية أبعد من ذلك الى إدخال الفاعلين الرياضيين في نظام بورصة خاص: كل نجم رياضي يتحول الى قيمة تجارية خاضعة للمزايدة - السرية والعلنية - بين الاندية (أو الشركات التجارية الرياضية) وحين يستقر المزاد على رقم (وغالباً ما يكون بملايين الدولارات)  يفوز النادي بحق التعاقد مع اللاعب وناديه، وحق احتكار خبرته. أما حين يعلو سهم هذا اللاعب في الملاعب، وفي بورصة القيم الرياضية، فقد يبلغ الأمر حد إعادته النظر في العقد الموقع ولو كلفه ذلك شراء “حريته” بأضعاف المبلغ المدفوع له، وهو ما يتم - طبعاً - على خلفية عروض مالية اكثر إغراء من أندية أخرى. يجري ذلك من دون احراج اخلاقي (خيانة فريقه مثلا)، فمنطق السوق لا يعرف إلا شيئاً واحداً: اخضاع الخبرة الرياضية لعمليات البيع والشراء.

 

لنقل - إذاً- إن هذه التجارة المربحة هي تجارة الجسد. ليس في الرياضيين ما يغري إلا أجسادهم وطاقة هذه الأجساد على إنتاج المتعة لدى المتلقي أو المستهلك. ولا يناظر هذه التجارة ربحية إلا تجارة الجسد في السينما، حيث صناعة الأفلام الجنسية هي الأعلى ربحاً في العالم المعاصر، وحين جسد المرأة (الممثلة) قيمة تجارية عالية يجري عليها التنافس. والأمر نفسه منطبق على تجارة الجسد في حالة عارضات الأزياء، حيث تعلو أو تهبط قيمة الزي المعروض بحسب قيمة الجسد العارض... إلخ.

 

قد يكون النظام الرأسمالي نجح في رهانات كثيرة في هذا العصر، غير ان الذي لا سبيل الى الشك فيه هو انه نجح في تحويل الجسد - الذي قدسته الأديان والحضارات القديمة - الى مجرد مادة للاستهلاك التجاري.

د.عبد الاله بلقزيز
المقال موجود على الرابط التالي:
http://www.alkhaleej.ae/portal/23cad269-f994-4bd0-9453-36734f5fb8a6.aspx

Partager cet article
Repost0

commentaires

Profil

  • Dr.Belkeziz
  • Holder of the State’s Doctorate Degree in Philosophy from Mohammad V University in Rabat, Belkeziz is the Secretary General of the Moroccan Arab Forum in Rabat. He has previously worked as head of the Studies Department at the Beirut-based Arab Uni
  • Holder of the State’s Doctorate Degree in Philosophy from Mohammad V University in Rabat, Belkeziz is the Secretary General of the Moroccan Arab Forum in Rabat. He has previously worked as head of the Studies Department at the Beirut-based Arab Uni

Texte Libre


Recherche

Archives