Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
2 mars 2009 1 02 /03 /mars /2009 20:50

شريط المأساة الفلسطينية بعقوده الستة أرخى بظلاله على الندوة الشهرية لمركز الجزيرة للدراسات التي حملت عنواناً لها «الصراع العربي الإسرائيلي والخيارات الممكنة». المفكر الفلسطيني عزمي بشارة، والمغربي عبد الإله بلقزيز والباحث الفلسطيني محمود محارب قلبوا في الندوة التي أدارها مدير المركز الدكتور مصطفى المرابط واجهات الصراع من أبعاده المختلفة، متقاطعين عند تشخيص سوداوي لأداء النظام العربي عامة والفلسطيني خاصة في مواجهة الكيان الإسرائيلي. غير أن الإجماع على الواقع الصعب الذي آل إليه الطرف العربي لم يبدد لديهم تفاؤلا بقدرة الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية والإسلامية على ابتداع خيارات مقاومة المشروع الصهيوني الذي يتجاوز في رأيهم حدود الوطن الفلسطيني ليغطي مجمل الخارطة العربية.
عزمي بشارة: قضية فلسطين أصبحت قضية الفلسطينيين
اعتبر المفكر العربي عزمي بشارة أن الصراع العربي الإسرائيلي تحول إلى صراع فلسطيني إسرائيلي، وأصبحت قضية فلسطين قضية الفلسطينيين، لتدخل تحت رحمة قانون ميزان القوى الثنائي بين الآلة الإسرائيلية والشعب الفلسطيني الأعزل.
وسجل باستغراب كيف أن مؤسسات إعلامية عربية سقطت في هذا الفخ المفاهيمي بترديد وصف «الصراع الفلسطيني الإسرائيلي»، هذا في حين تلخص القضية الفلسطينية بالنسبة لبشارة قضية وجود العرب على الخارطة الدولية وإشكالية الوحدة والتجزئة في الأمة العربية.
ورأى أن هذا التحول في صورة الصراع كان محصلة لتقاطع انتهازية الأنظمة العربية مع سلوك القيادة الفلسطينية. لكنه ذكر بأنه منذ التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد الأولى، كان انضمام العرب إلى مسلسل التسوية الانفرادية قضية وقت فقط، حيث أراد النظام الفلسطيني التحول إلى كيان منظم خارج الغطاء العربي، وأراد العرب الهرولة إلى تسوية منفردة للملفات العالقة مع إسرائيل.
ولاحظ عزمي بشارة أن الرغبة في التخلص من «عبء» القضية الفلسطينية تترافق مع التخلص من الهوية العربية والتأكيد على النزعة المحلية القطرية.
وحول آفاق الوضع الحالي في المجابهة العربية الإسرائيلية، قال المفكر العربي إن المطروح للتسوية كيان فلسطيني في الضفة الغربية وغزة دون القدس ودون حق العودة للاجئين ودون إزالة المستوطنات، ليخلص إلى أن السلام العادل غير ممكن حالياً، لكن العرب لا يريدون استخلاص النتائج الضرورية لهذه «الحقيقة».
ولفت إلى أن النظام العربي طرح مبادرة السلام عن ضعف، عقب الضغط الذي ولدته أحداث 11 سبتمبر، وتم تجديدها مرة أخرى لإجهاض النتائج التي حققتها المقاومة ضد إسرائيل في حرب لبنان الأخيرة.
وأعرب في سياق متصل عن ثقته في عدم صمود أي تسوية غير عادلة أمام موقف الشعوب العربية متحدثا عن حالة استقطاب حادة غير مسبوقة بين الشعوب وأنظمتها. وعاد إلى دروس التاريخ في المنطقة ليقول: إن الصليبيين ما كانوا ليوطدوا وجودهم في فلسطين دون تحالفات مع بعض القوى العربية، لكن هذا الوجود لم يصمد في النهاية؛ لأنه يفتقر للحد الأدنى من الشرعية، كما أنه لا يمكن لنخبة عربية أن تسود ديمقراطيا دون اتخاذ موقف المناصر لفلسطين والقضايا العربية.
وأضاف أن خيارات الأنظمة العربية في الصراع مع إسرائيل نتاج لانفصالهم عن الحالة الشعبية العامة، مشيراً إلى أنهم بدل التنافس في تقديم الدعم للفلسطينيين، فإنهم يتنافسون على التودد لإسرائيل، واللوبيات العربية تتصارع بينها في أميركا بدلاً من الانخراط في عمل عربي مشترك.
ومضى إلى القول بأن «الموضوع الرئيس في علاقات هذه الأنظمة مع أميركا ليس هو إسرائيل بل إيران».
وحول الوضع الداخلي الفلسطيني، قال بشارة: إن «حسم المعركة مع حماس تجعل الطرف الفلسطيني الآخر في موقف أضعف مع إسرائيل، مسفهاً مقولة «لنضع حداً للصواريخ وإسرائيل ستعطينا ما نريد»، إسرائيل لن تقدم شيئا وانتظار مكرماتها أمر لا يجدي. ولم يستبعد الدكتور بشارة التوصل قبل نهاية العام الحالي إلى إعلان مبادئ جديد يتوج المفاوضات السرية المستمرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لكنه رأى أنه لن يحل الوضع القائم على الأرض.
وقال إنه في حال وجود مفاوضات، فإن البنود المعروضة ستكون أقل من تلك التي عرضت على الرئيس الراحل ياسر عرفات. وخلص إلى أن الخيار الواقعي للتسوية العادلة أحد اثنين: حل الدولتين مع ضمان حق العودة أو إنشاء دولة ديمقراطية للجميع.

عبد الإله بلقزيز: الانعزالية الفلسطينية أفرزت ثمرة «أوسلو» المرة
ركز الجامعي المغربي عبد الاله بلقزيز عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، على الترابط العضوي القائم بين القضية الفلسطينية والمصير العربي عموماً، بحيث إنه لا يمكن معالجة القضية الفلسطينية موضعياً باستقلال عن سياقها القومي.
وذكر بأن صعود النخب القومية في العالم العربي كرَّس النظر إلى قضية فلسطين كواجهة للصراع ضد الإمبريالية والصهيونية.
وأبدى المفكر تفهمه لطرح استقلالية القرار الفلسطيني في سياق غير مصادم للبعد القومي، موضحاً أن الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في مؤتمر الرباط سنة 1974 كان مفهوماً في سياق محاولة الخروج من الوصايات العربية، لكن الأداء السياسي للقيادة الفلسطينية خصوصاً منذ خروجها من بيروت أفضى إلى انعزالية فلسطينية قادت في النهاية إلى «الثمرة المرة» في أوسلو.
وحمل مسؤولية هذا الوضع أيضاً للنظام العربي الرسمي. وها هي النتيجة – حسب الدكتور بلقزيز- «قرار لا هو عربي ولا هو فلسطيني، بل أميركي إسرائيلي يردده عرب أو فلسطينيون» ليخلص إلى وصف الوضع القائم بـ «اللحظة الأسوأ» في تاريخ الصراع.
ومن جهة ثانية نبه الدكتور بلقزيز إلى أن الأرض ليست العنوان الوحيد للصراع بالمنطقة، وإن كانت شِقًا بارزاً فيه. وتوقف في هذا السياق عند مسألة اللاجئين وقضية المياه على ضوء مقولة: «الحروب القادمة في الشرق الأوسط ستكون حروب مياه»، والسلاح والدور الإقليمي، وهي قضايا ترشح للصراع لقدر أكبر من الاستدامة وتحكم على محاولات التسوية باللحظية.
وحول الآفاق المستقبلية، تساءل بلقزيز كيف يمكن للتسوية التي لم تنجح مع كلينتون ورابين أن تنجح مع بوش وأولمرت، تلميذ شارون. ووجه سؤالا ثانيا إلى الأنظمة العربية: «بعد سنوات من الرهان على الحل الأميركي، أما آن الأوان للعودة إلى المرجعية الأممية وإطار المؤتمر الدولي من أجل إنفاذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بفلسطين والصراع العربي الإسرائيلي؟».
وبنبرة أكثر تفاؤلية، لاحظ الدكتور عبد الإله بلقزيز أن الشعب الفلسطيني ابتكر دائما وسائل الممانعة والتصدي للمشروع الإسرائيلي، وفي كل مرة كانت إسرائيل تعتقد أنها تشرف على حسم المعركة، تظهر قوى ممانعة جديدة اعتبر أنها وليدة واقع سوسيولوجي وثقافي ونفسي يصنع عنوان المقاومة.
واستنكر ما أسماه «ميليشيات ثقافية تزرع التيئيس والقنوط»، مفضياً إلى أن الصراع من النوع الذي يتطلب سياسة وثقافة النفس الطويل.

محمود محارب: المجتمع الإسرائيلي ينحو إلى عدوانية أكبر
لاحظ الباحث الفلسطيني الدكتور محمود محارب أنه في الوقت الذي ينزع العرب نحو تكريس التملص من الصراع مع إسرائيل ليصبح فلسطينياًً - إسرائيلياً، فإن إسرائيل لم تتخل قط في وعيها عن النظر إلى العالم العربي ككتلة واحدة.
ويتجلى ذلك في حرصها على تكريس التفوق العسكري الكاسح على مجموع الدول العربية والانفراد بامتلاك السلاح النووي. وقال إن إسرائيل أكثر جدية من العرب وهي تمتلك أجندات ومشاريع في كل الدول العربية.
وحذر من أن إسرائيل تعتقد أن بإمكانها في الوقت الراهن أن تفرض حلاً على المنطقة في ظل الوضع العربي المتأزم والدعم اللا محدود من قبل أميركا، مضيفاً في السياق ذاته أن إسرائيل تحاول إقناع العالم العربي بأن تفوقها معطى قائماً ينبغي عدم المساس به أو محاولة تغييره.
ولفت من جانب آخر إلى أن المجتمع الإسرائيلي يجنح إلى عدوانية متزايدة إزاء العرب والفلسطينيين بسبب التحولات الديموغرافية، وخصوصاً تدفقات الهجرة التي حملت يهوداً مشبعين بالدعاية الصهيونية المحرضة على الشعب الفلسطيني.
وبارتباط مع هذه الدينامية، فإن الجيش الإسرائيلي يتعزز بانضمام المستوطنين والمهاجرين الروس؛ مما يختم سلوكه بجرعة زائدة من الهمجية. وخلص إلى أن الاستطلاعات والدراسات الحالية تشير إلى أن النخب القادمة التي ستهيمن على إسرائيل ستكون من اليمين واليمين المتطرف.
ومن جهة ثانية، استعرض الدكتور محارب جانباً من الطاقات الكامنة لدى العالم العربي والتي رأى أن حسن إدارتها واستثمارها في إطار استراتيجية عربية مشتركة كفيل بتحقيق عوامل التوازن مع الكيان الإسرائيلي، لكن الأمر يبدأ بإرادة سياسية مستقلة مازالت غائبة حتى الآن.
تشخيص قاتم واستشراف مفتوح على الأمل، قراءات متعددة الزوايا وسيناريوهات تتأرجح بين استمرار الصراع والتسوية والحل النهائي. مداخلات المشاركين في الندوة استفزت شغف الحضور النوعي الذي تابع اللقاء، والذي عبر عن يأس النخب والجماهير من الأنظمة العربية، غير أن المحاضرين شددوا على ضرورة الاحتفاظ بجذوة الأمل مشتعلة، وحذروا من الاستهانة بأدوار المجتمع المدني وأسئلته ومطالباته التي تشكل عامل ضغط وكبح لأنظمة فقدت صلتها بحالتها العربية.



http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=8007&issueNo=86&secId=16

Partager cet article
Repost0

commentaires

Profil

  • Dr.Belkeziz
  • Holder of the State’s Doctorate Degree in Philosophy from Mohammad V University in Rabat, Belkeziz is the Secretary General of the Moroccan Arab Forum in Rabat. He has previously worked as head of the Studies Department at the Beirut-based Arab Uni
  • Holder of the State’s Doctorate Degree in Philosophy from Mohammad V University in Rabat, Belkeziz is the Secretary General of the Moroccan Arab Forum in Rabat. He has previously worked as head of the Studies Department at the Beirut-based Arab Uni

Texte Libre


Recherche

Archives