Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
5 septembre 2010 7 05 /09 /septembre /2010 19:34

لم يبق لأيمن الظواهري من خصوم في بلاد المسلمين إلا حركة “حماس” بعد أن أفتى بتجريد اليساريين والقوميين والبعثيين والعلمانيين من الإيمان فاحتسبهم في جملة الكفرة والملحدين! ولقد صدقه كثيرون في ما ذهب اليه من تكفير لأتباع هذه التيارات ظناً منهم أنه إنما ينطق عن دليل وبينة لا عن هوى وضغينة: أليس هو “الرجل الثاني”

في تنظيم “القاعدة” ولسان التنظيم وعقله اللذين بهما يتكلم (التنظيم) ويخاطب المريدين والأتباع في العالم؟ فكيف يخطئ في تعريف “شراذم” من السياسيين والمثقفين، لا تأخذ في أقوالها وأفعالها بفقه “القاعدة”، ولا تسير على خطها في “الجهاد” مَن هو في هذا “المقام”؟ 

ولِمَنْ صدّقوه نقول: إن كنت ممن ينصاع لرأيه على غير سؤال او استفهام في أمور الدين والدنيا والأنام، فتبينوا قليلا ما في رأيه من الأحكام، وقيسوها قياس العقلاء على المنطق، وقياس النبهاء على الواقع، فلا تأخذوها إلا على محمل الدليل والحجة، وإذا كان لكم أن تأخذوا تلك الأحكام على العِلات التي بدت بها لأن الظواهري “لا يكذب” في حق من يعتبرهم علمانيين و”خارج الملة”، كما قد يزعم زاعم، فكيف لكم أن تأخذوها عنه حين ينزل بها على إسلاميين، بل كيف يَسْتَرِطُها مُسلمٌ استراطاً (أي بلعاً) حين تنزل على حركة “حماس”؟ 

ظاهرياً، اي من حيث أخذ الملفوظ من كلامه على ظاهره، لم يخرج الظواهري حركة “حماس” من الملة حين تصدر للفُتْيَا في ما عليها أن تفعل وما عليها أن تَجْتَنِب لكي يَرْضَى عنها، لكن تقليب القول على وجوهه يَقْطَعُ بأنه حَشَرَها مع من حَشَر قَبلها ممن أنزل بهم غضبه. فـ“حماس” ارتضت، في ما يرى، التنازل عن “حاكمية الشريعة” من أجل ثمانين مقعدا في “بلدية غزة” (كذا قال!)، وارتضت العمل في مؤسسات علمانية (المجلس التشريعي يقصد) لا تتعارض مع الشريعة فحسب، بل تتصادم معها. وارتضت أن تعمل في هذه المؤسسات مع آخرين “باعوا” فلسطين، وأن تُطْلِقَ تصريحات يفهم منها أنها تبارك الاتفاقات مع “اسرائيل” وذلك مخالف لشرع الاسلام حيث فلسطين جزء من أرض الإسلام، ومفردات أخر تفيد المعنى نفسه، أي “مُرُوق” “حماس” عن خط الإسلام، أو قل عن خط الشيخ أيمن الظواهري. 

أما أن “حماس” مارقة عن خط الظواهري، فذلك مما يعرفه ويستبدهه بداهة كل من له دراية بالفوارق والفواصل بين مدرسة الوسطية ومدرسة “الفسطاطين”. فـ “حماس” من مدرسة اسلامية لا تُكَفر الناس ولا تُخرج مسلما من الملة، إذ العاملون فيها يحسبون أنفسهم دعاة لا قضاة على قول أحد مرشديها، لذلك، ما تحسّست “حماس” يوما من العمل الوطني المشترك مع فصائل الحركة الوطنية الأخرى (“فتح”، “الجبهة الشعبية”، الجبهة الديمقراطية”...)، وفيها العدد العديد من المناضلين النصارى والمسلمين العلمانيين، ولا ناصبتها الخصومة والاعتراض لأنها لا تستند الى منطلقاتها الفكرية، كما لم تتحسس يوما من “حزب الله” (اللبناني) لأنه على مذهب الإمامية الجعفرية، بل أقامت معه أوثق العلاقات وتعلمت الكثير - وبكل تواضع- من تجربته الرائعة في المقاومة، وهي - لذلك كله- مارقة عن خط وفكر ومدرسة تتردد فيها مفردات الإطلاق والقطع والمفاضلة والأحكام المبرمة. وأما أن “حماس” مارقة عن خط الاسلام، فإن القول بذلك إن لم يكن دعابة ممجوجة وثقيلة فهو جنون أو شيء كالجنون، ثم هل من طريقة أخرى للقول إن فلسطين ما عادت أرض اسلام وما عاد فيها مسلمون أفضل من إخراج “حماس” من حومة الإسلام؟ فحين لا يكون أهل “حماس” مسلمين - لأنهم “خرجوا” عن خط الاسلام الصحيح، حين دخلوا البرلمان وشاركوا العلمانيين مؤسساتهم- فمن بقي مسلما في فلسطين إذن؟ 

ولقائل أن يقول إننا حمّلنا كلام الظواهري ما لا يحتمل ووضعنا على لسانه ما لم يقله، واستنتجنا ما ليس يوافق مقدمات خطابه. نجيب القائل: عُدْ، الى حديثه المتلفز في فضائية عربية، وانْظُره ترى عجبا. وإذا لم تكفِكَ القرينة على الأمر، فهاك دليل آخر: لقد سبق لأيمن الظواهري - الآتي الى “القاعدة” من حركة “الجهاد الاسلامي” المتمردة على خط “الاخوان المسلمين” في مصر- أن ذهب الى حد تكفير هذه الحركة (اي “الاخوان المسلمين”) في كتابه “الحصاد المر”، فكيف يعف عن تكفير فرع “فلسطيني” إن كفر الأصل؟ 

ولقد وصف الظواهري - في معرض “نصيحته” لـ “حماس” بالعودة عن “غيها”- مناضلي حركة “فتح” ورجال السلطة الفلسطينية (التي يسميها يا للمفارقة “السلطة الوطنية”!: وهو ما لا يوافق عليه كثير من “العلمانيين” الفلسطينيين والفتحاويين بسبب افتقادها الى السيادة وقيامها على أساس اتفاق لم يمنح شعبها حقوقه الوطنية)، (وصفهم) بـ “المجرمين”. وفي وُسع أي من هؤلاء المناضلين ان يسأله عما في وصفه لهم من علامات شَبَه متطابق مع وصف الصهاينة لهم، وعن معنى ذلك الشبه المتطابق! كما في وسع اي منهم أن يسأله عمن يكون المجرم: الذي يقاتل من أجل تحرير أرضه من الاحتلال أم الذي يقاتل لمجرد أن يقتل، ولا يجد مكانا يقاتل فيه إلا في “دار الاسلام” ولا أهدافاً يطلق عليها النار إلا أهل هذه الدار؟ 

حين أطلق الفتحاويون ثورة الشعب الفلسطيني المسلحة قبل أربعين عاما، كان أيمن الظواهري لا يزال صبياً، وفي مثل سنه (بعد عقدين على الانطلاقة) خرج صبية “فتح” وفلسطين في انتفاضة 87 يرشقون جنود الاحتلال بالحجارة. وحين كبر الصبية الفتحاويون، وصاروا رجالا، قاتلوا عدوهم بشجاعة وبسالة ضمن “كتائب شهداء الاقصى”، لكننا لا نعرف أن أيمن الظواهري قاتل “الاسرائيليين” وهو صبي، وهو شاب، وهو كهل، أو ألقى عليهم حجرا!، فطوبى لـ”المجرمين”. 

من حسن الحظ أن الفتحاويين والحمساويين - ومن سار على دربهم في النضال- لا يلتفتون كثيرا، أو قليلا، الى من يَقْدَحُ فيهم بمفردات التكفير والتخوين، فليس لديهم وقت يكفي للمناقرة والنقار: إذ لو فعلوا، لشغلهم ذلك عن قضيتهم، وهم عنها غير منشغلين، وهم يعرفون - وجميعنا معهم يعرف- ان ما من أحد في الخليقة يملك أن يقدم دروسا للفلسطينيين في النضال والمقاومة، ويمتحنهم، ويضع لهم علامات النجاح والرسوب مهما علا شأنه، فهم الأساتيذ، وسواهم تلامذة، وهم من يوزّعون الشهادات على حملة السلاح فيجوز لهم أن يقولوا: هذه البندقية مناضلة لأن لها قضية، وتلك قاطعة طريق لأنه لا قضية له. 

د. عبدالإله بلقزيز

http://www.arabrenewal.info/2010-06-11-14-22-29/12090-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D9%88-%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%88%D8%A7%D9%87%D8%B1%D9%8A.html

Partager cet article
Repost0

commentaires

Profil

  • Dr.Belkeziz
  • Holder of the State’s Doctorate Degree in Philosophy from Mohammad V University in Rabat, Belkeziz is the Secretary General of the Moroccan Arab Forum in Rabat. He has previously worked as head of the Studies Department at the Beirut-based Arab Uni
  • Holder of the State’s Doctorate Degree in Philosophy from Mohammad V University in Rabat, Belkeziz is the Secretary General of the Moroccan Arab Forum in Rabat. He has previously worked as head of the Studies Department at the Beirut-based Arab Uni

Texte Libre


Recherche

Archives