Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
6 mai 2012 7 06 /05 /mai /2012 22:52

هجوم على السفارة السعودية في القاهرة، واعتصام لأتباع حازم أبو إسماعيل، ولآخرين أمام مبنى وزارة الدفاع للمطالبة بإنهاء الدور السياسي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، واشتباكات دامية وتعليق لجلسات مجلس الشعب احتجاجاً على عدم التجاوب مع مطلب حل حكومة كمال الجنزوري، وجدل حول المعايير المعتمدة لتأليف الهيئة التأسيسية لوضع الدستور، واعتراض على قبول الهيئة العليا للانتخابات تظلم المرشح أحمد شفيق وإعادة إدراج اسمه ضمن قائمة المرشحين للرئاسة، وقيل وقال في الجدولة الزمنية، التي وضعها المجلس العسكري لكتابة الدستور، وإقراره قبل بدء الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة، واحتقان سياسي ينذر بالأوخم والأسوأ .


تلك لقطات سريعة من مشهد السياسة والنزاع على السلطة في مصر “الجديدة” الخارجة من ثورة مجهضة، مسروقة من شبابها الثوار الذين صنعوها، و”تركوا” لغيرهم التصرّف في ثمراتها . من لطف الله بمصر أن النزاع هذا ظل محدوداً بين القوى المندفعة في المعركة “المقدسة” من أجل السلطة . غير أن سلميّة التدافُع هذا لا ينبغي أن تحجب عنّا مخاطر أخرى محتملة  لا قدر الله  تتشكل مقدماتُها في ما وراء عجاج المنازلات السياسية والإعلامية، وطقوس استعراض القوة والعضلات في الميادين والساحات .


باسم الثورة، ومن أجل “حماية” مكتسباتها، يتحدث جميع المعتركين على السلطة اليوم، في بلاد الكنانة، كلٌ منهم يريد أن “يصحّح” مسار الثورة، لأنه خرج عن الخط الذي يبتغي هو أن تسير فيه، أو يريد أن “يحافظ” على مسارٍ لها يراه الأصوب والأقوم، وكلٌ منهم على صواب  في ما يزعم وغيره على خطأ، والذي على خطأ يهدّد الثورة، أو يكيد لمن يدافع عنها .


لا بدّ، هنا، من بعض التدقيق في المفردات حتى لا تلتبس الصورة على من يشاهدها، ويقرأ في لوحة معطياتها، يتحدث هؤلاء جميعاً عن الثورة لكنهم لا يقصدونها تحديداً، وإنما يقصدون نتائجها حصراً، وللدقة أكثر يقصدون من تلك النتائج نتائج الاقتراع التي تحولت، فجأة، إلى معيارٍ تقاس به “قوة الثورة” وتقاس به الحجوم والأنصبة .


وغنيّ عن البيان أن اختصار ثورة 25 يناير في الاقتراع أكبر إهانة تلحق بها من قِبَل من يصر على هذا الربط الاختزالي بينهما، ذلك أن هذا الربط (هو) أقصر طريق إلى مصادرة الثورة، والتنزّلِ منزلة الناطق باسمها، والوصيّ على أمرها، وهو من أسفٍ، عين ما يحدث اليوم على أرض الكنانة ويخوض فيها من يخوض في معترك السلطة .


يشتد الجدل، وترتفع الحماوة، طرداً مع التقدم في الزمن نحو مواعيد التنافس الكبير على الرئاسة، وعلى صوغ الدستور . لكن الزوبعة السياسية هذه، ببروقها ورعودها، لا تجري اليوم إلا في فنجان النخب والأحزاب المعتركة على السلطة، رغبة من بعض في الإمساك بالمقاليد كافة، وسعياً من بعضٍ ثانٍ في الشراكة والاقتسام، وطمعاً من بعض ثالث في قليلٍ من فتاتٍ يسُدّ الرمق . أما الجمهور الأعرض من الشعب المصري، فمزاجه  اليوم  مختلف عن ذي قبل، وهواجسه أعلى من أي وقت مضى، وحماسته للانخراط في الأحداث، وصُنع المصير أشدّ فتوراً، والأسباب عديدة . .


في بحر عامٍ واحد، انتقل المصريون انتقالة دراماتيكية من الحماسة الملحمية إلى الخيبة المأساوية، من الآمال العريضة بغدٍ أفضل تفتحه الثورة لهم إلى الشكوك الحادة في مجهولٍ تحمله لهم الأيام القوادم، وميدان التحرير الذي كان يتسع لملايين الناس، من دون تجييشٍ سياسي أو نفير إعلامي، بات لا يتسع  مساحةً وصدراً  لبضعة آلاف جيشتها دعوات، وخطب، وصنوج، وبيانات، وسبق خروجها إيحاء بأنها ستكون الأعلى كعباً في كل مظاهرات الميدان .


في عام المصريين هذا، بات السؤال عن الأمن والرغيف أدعى إلى الانهمام به من السؤال عن “ديمقراطية” تبدو سراباً في طبق طبقةٍ سياسة لا يهمّها، من كل أحلام المصريين، سوى الوصول إلى السلطة: ولو بتوتير الأجواء من خلال استعداء الآخرين، وكيْل الاتهامات للعسكر، والكنيسة، والأزهر، وكلّ من يدب على أرض مصر! ولقد يكون أخطر ما تنتهي إليه ثورة في التاريخ هو اللا مبالاة، والخشية كبيرة من أن يصاب المصريون بهذا الداء العضال الذي لا برء منه . وهم في هذا غير مسؤولين عن هذه النهاية، لأنهم سيقوا إليها من قبل نخب لم تثبت أنها تضع مصلحة الشعب والوطن فوق مصالحها الحزبية والفئوية، ولا أنها جديرة بإدارة أملاك ثورة 25 يناير .


ما زال في النفس بعض أمَلٍ في تصحيح هذه الحال، عن طريق أنسنة الصراع على السلطة وأخلقته، وإعادة ثقة شعب مصر بالسياسة . وعلى الكثيرين من المندفعين نحو المجهول أن يرعووا في اللحظة المناسبة . . ويتذكروا شعبهم .

 

د .عبد الاله بلقزيز

http://www.alkhaleej.ae/portal/912f42e3-e428-4a0b-a94e-a5b0ffb9594e.aspx

Partager cet article
Repost0

commentaires

Profil

  • Dr.Belkeziz
  • Holder of the State’s Doctorate Degree in Philosophy from Mohammad V University in Rabat, Belkeziz is the Secretary General of the Moroccan Arab Forum in Rabat. He has previously worked as head of the Studies Department at the Beirut-based Arab Uni
  • Holder of the State’s Doctorate Degree in Philosophy from Mohammad V University in Rabat, Belkeziz is the Secretary General of the Moroccan Arab Forum in Rabat. He has previously worked as head of the Studies Department at the Beirut-based Arab Uni

Texte Libre


Recherche

Archives